
في خضم الحرب التجارية بين أمريكا والصين يتساءل الكثيرون عن من هو الرابح والخاسر في هذه النزاعات الاقتصادية المعقدة حيث تشير تحليلات الخبراء إلى أن الولايات المتحدة قد حققت بعض المكاسب على صعيد تقليل العجز التجاري ولكن في المقابل تعاني العديد من الشركات الأمريكية من ارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة للرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية بينما تواجه الصين تحديات في الحفاظ على نموها الاقتصادي وزيادة صادراتها لذا فإن النتائج قد تكون مختلطة ومعقدة ولا يمكن تحديد الرابح والخاسر بسهولة في هذه الحرب التجارية المستمرة والتي تؤثر على الاقتصاد العالمي بأسره.
عودة التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة وتأثيرها الاقتصادي
أكد خبراء اقتصاديون أن عودة التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة، بعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرسوم جمركية جديدة، تمثل بداية جديدة للصراع التجاري، والذي قد يؤثر بشكل كبير على معدلات التضخم، وقوة الدولار، وأسعار الفائدة على مستوى العالم، وأشاروا إلى أن استمرار هذا الاتجاه قد يعيد العالم إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي التي شهدناها في السابق، حيث فرضت الإدارة الأمريكية رسوماً إضافية بنسبة 100% على السلع الصينية، وردت بكين بخطوات مشابهة، مما أعاد مشهد الحرب التجارية إلى الواجهة بعد فترة من الهدوء النسبي.
تأثير الحرب التجارية على الدولار وأسعار الفائدة
قال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية، إن عودة الحرب التجارية ستؤثر بشكل مباشر على التضخم في الولايات المتحدة، حيث ستؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد، مما سيجعل الفيدرالي الأمريكي أكثر حذراً في خفض أسعار الفائدة، وقد يدفعه إلى تثبيتها أو حتى رفعها إذا استمرت الضغوط السعرية، وهذا سيعزز قوة الدولار أمام العملات الأخرى، حيث ترتبط العملة الأقوى دائماً بعائد أعلى، وأشار نجلة إلى أن توقعات الأسواق التي كانت تشير إلى خفضين إضافيين للفائدة قد تتغير، حيث بدأ المستثمرون في شراء السندات الأمريكية مجدداً في ظل احتمالات توقف التيسير النقدي.
أسواق الذهب والنفط في ظل التوترات العالمية
أوضح نجلة أن البنوك المركزية في الصين وروسيا تواصل شراء كميات كبيرة من الذهب في ظل القلق السياسي والاقتصادي العالمي، مما يرفع أسعاره باستمرار، وأشار إلى أن الاتجاه الصعودي للذهب سيستمر طالما استمرت حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، خاصة مع تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين، مما قد يؤثر على حركة الذهب محلياً في مصر، حيث تتحدد أسعار الذهب وفقاً للسعر العالمي وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، كما أن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يكون له تأثير مهدئ على موجة ارتفاع الأسعار العالمية، ما لم تتفاقم التوترات الجيوسياسية أو تفرض قيود جديدة على الإمدادات.
التداعيات الاقتصادية للحرب التجارية على الاقتصاد الأمريكي
قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن الحرب التجارية الحالية تمتد إلى مجالات استراتيجية أخرى مثل المعادن النادرة والذهب، مما يؤثر على حركة التجارة الدولية والاستثمارات، ويؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يرفع معدلات التضخم ويجعل البنوك المركزية تعيد النظر في سياساتها النقدية، وأكد أن استمرار هذه الحرب قد يهدد بحالة من الركود في بعض الاقتصادات الكبرى، خاصة الدول التي تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها الأساسية مثل مصر، حيث قد تتأثر بارتفاع أسعار السلع الوسيطة والمواد الخام.
أثر الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي
وأشار الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، إلى أن الرسوم الجمركية ستؤثر سلباً على حركة التجارة العالمية، حيث ستقلص حجم التبادل التجاري وتزيد من تكلفة الإنتاج، مما قد يؤدي إلى تباطؤ في الاستثمارات وارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، وتوقع أن يكون التأثير الأكبر على الاقتصاد الأمريكي الداخلي، نظراً لاعتماد قطاعات واسعة فيه على الواردات، مما يزيد أعباء التكلفة على المستهلك الأمريكي، وأوضح أن الصين نجحت منذ عام 2016 في فتح أسواق جديدة، بينما تواجه الولايات المتحدة تراجعاً في قدرتها الإنتاجية ونمواً اقتصادياً هشا.
نحو نظام اقتصادي متعدد الأقطاب
أشار خضر إلى أن قوة الدولار تظل العامل الوحيد الذي يمنح الولايات المتحدة نفوذاً عالمياً، إلا أن خفض أسعار الفائدة أدى إلى خروج جزء من رؤوس الأموال، مما يزيد الضغط على الخزانة الأمريكية، وأكد أن الصين تسير بخطى ثابتة نحو تشكيل خريطة اقتصادية عالمية جديدة تقودها دول آسيا، مما يشير إلى تحول النظام الاقتصادي من الأحادية إلى التعددية، حيث تتصدر الاقتصادات الآسيوية بقيادة الصين، وأوضح أن التفوق الاقتصادي لا يحتاج إلى صراع عسكري، بل يعتمد على السيطرة على القطاعات الاستراتيجية، مما يجعل الصين في موقع متقدم يمكنها من التأثير في النظام الاقتصادي العالمي دون اللجوء إلى المواجهة.
تعليقات