قفزت أسعار الفضة إلى أعلى مستوى تاريخي لها منذ 45 عاماً مما أثار تساؤلات كثيرة حول الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع المفاجئ في القيمة حيث شهد السوق العالمي زيادة ملحوظة في الطلب على الفضة بسبب استخدامها في مجالات متعددة مثل الصناعة والتكنولوجيا بالإضافة إلى الاستثمار الآمن في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي مما جعل الكثير من المستثمرين يتجهون نحو الفضة كملاذ آمن في ظل التوترات الجيوسياسية وارتفاع معدلات التضخم مما ساهم في تعزيز أسعارها بشكل غير مسبوق لذا فإن مراقبة هذه الاتجاهات قد تكون ضرورية لفهم مستقبل أسعار الفضة وتأثيراتها على الأسواق العالمية.

ارتفاع أسعار الفضة: أسباب وتداعيات

ارتفاع قياسي في أسعار الفضة

شهدت أسعار الفضة ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصلت أوقية الفضة إلى نحو 53 دولارًا، وهو أعلى مستوى تسجله منذ عام 1980، يأتي هذا الارتفاع في سياق تزايد الإقبال على الاستثمار الآمن بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالاقتصاد العالمي، وفقًا لتقرير مركز "الملاذ الآمن للأبحاث"، الذي أفاد بأن أسعار الفضة حققت ارتفاعًا قياسيًا جديدًا، مدفوعة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة، في ظل الإغلاق الحكومي الأمريكي وأزمة السيولة في سوق لندن، بالإضافة إلى تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

أزمة السيولة في لندن وتأثيرها على السوق

في تقرير صادر عن وكالة بلومبرج، أوضح مركز "الملاذ الآمن" أن شح السيولة في سوق لندن أدى إلى تفاقم ما يعرف بـ"الضغط القصير" على مراكز الفضة، مما تسبب في موجة ارتفاع حادة وغير مسبوقة في الأسعار، تزامنت هذه الزيادة مع زيادة عمليات البحث العالمية عن السبائك الفعلية لتلبية الطلب المتنامي، وأشار التقرير أيضًا إلى أن الفجوة السعرية الكبيرة بين سوقي لندن ونيويورك دفعت بعض المتداولين إلى نقل سبائك الفضة جوًا عبر الأطلسي، وهي خطوة نادرة تعكس قوة الطلب الحالي على المعدن الأبيض.

الإغلاق الحكومي والتوترات التجارية

في سياق متصل، يأتي هذا الصعود التاريخي في أسعار الفضة بينما يشهد الاقتصاد الأمريكي إغلاقًا حكوميًا مستمرًا للأسبوع الثالث، بعد قرار الرئيس الأمريكي بإقالة عدد من الموظفين الفيدراليين، مما زاد من حدة الخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول الموازنة العامة، ويرى المراقبون أن هذا الإغلاق مرشح للاستمرار في الفترة المقبلة، مما يعزز حالة الضبابية وعدم اليقين في الأسواق المالية الأمريكية والعالمية، وعلى الصعيد الدولي، أبدت الإدارة الأمريكية انفتاحًا حذرًا على التفاوض مع الصين، إلا أن التوترات التجارية المتصاعدة قد تؤدي إلى عودة الحرب التجارية، مما يزيد من المخاوف بشأن معدلات النمو العالمي ويدفع المستثمرين نحو أصول الملاذات الآمنة.

تراجع أسعار النفط في ظل التوترات

تزامنًا مع تصاعد التوترات التجارية، شهدت أسعار النفط تراجعًا حادًا، حيث انخفضت عقود خام نايمكس الأمريكي بأكثر من 3 دولارات للبرميل، لتسجل أدنى مستوياتها في أربعة أشهر ونصف، ويرجع هذا التراجع إلى مخاوف تباطؤ الطلب العالمي بفعل الحرب التجارية، وارتفاع الإمدادات من منتجي أوبك وخارجها، مما يعكس التحديات التي تواجه الأسواق العالمية.

الفضة في صدارة المعادن النفيسة

في ختام تقريره، أكد مركز "الملاذ الآمن" أن الفضة تعيش مرحلة تاريخية فريدة، حيث تتضافر مجموعة من العوامل الداعمة، مثل الطلب الصناعي القياسي، والعجز في المعروض، والتحول نحو الطاقة النظيفة، وضعف الدولار الأمريكي، كما أشار المركز إلى أن عام 2025 يمثل نقطة تحول في سوق المعادن النفيسة، حيث باتت الفضة اللاعب الأقوى والأكثر جذبًا للاستثمار مقارنة بالذهب، مع توقعات باستمرار المكاسب إذا واصلت البنوك المركزية سياساتها التيسيرية واستمرت الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم.