
في أكتوبر الحالي يتزايد الحديث حول مصير صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل حيث يترقب الجميع نتائج المفاوضات التي قد تؤثر بشكل كبير على السوق الإقليمي للغاز وأكد خبراء أن هناك سيناريوهات متعددة قد تطرأ على هذه الصفقة منها إمكانية تحقيق اتفاق نهائي يضمن مصالح الطرفين أو حدوث تعثر في المفاوضات مما قد يؤثر على أسعار الغاز في المنطقة وتعد هذه الصفقة واحدة من أبرز القضايا الاقتصادية التي تهم الدولتين وتعكس العلاقات الاستراتيجية بينهما في مجال الطاقة لذا فإن متابعة تطورات أكتوبر ستكون حاسمة لفهم مستقبل هذه الصفقة وتأثيرها على الأسواق المحلية والدولية.
مستقبل اتفاق توريد الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل
تتجه الأنظار نحو مصير اتفاق توريد الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل، والذي يُقدَّر بحوالي 35 مليار دولار، حيث تتباين المؤشرات بين رغبة في التنفيذ وضغوط سياسية قد تؤدي إلى تأجيل أو تجميد الصفقة. الاتفاق الذي تم الإعلان عنه في أغسطس الماضي ينص على توريد الغاز من حقل “ليفياثان” الإسرائيلي إلى مصر حتى عام 2040، بإجمالي كميات تصل إلى 130 مليار متر مكعب، مما يجعله واحدًا من أكبر عقود الطاقة في تاريخ التعاون بين البلدين منذ بداية الألفية.
الصفقة تشمل مرحلتين، حيث تبدأ المرحلة الأولى بإمدادات جزئية عام 2026، تليها المرحلة الثانية بعد استكمال توسعة البنية التحتية وخطوط الأنابيب التي تربط الحقل بمحطات الإسالة المصرية في إدكو ودمياط، وذلك تمهيدًا لإعادة تصدير الغاز إلى الأسواق الأوروبية. ورغم الجدوى الاقتصادية الكبيرة للاتفاق، إلا أن التوترات السياسية الإقليمية، خاصة في ظل الأوضاع المتوترة في غزة، ألقت بظلالها على المفاوضات.
الضغوط السياسية والمصالح الاقتصادية
تواجه الحكومة المصرية تحديات سياسية، لكنها ترى أن التعاون في مجال الطاقة يمثل مصلحة استراتيجية مشتركة، ويعزز من دور مصر كمركز إقليمي لتجارة وتصدير الغاز في شرق المتوسط، خاصة مع توقع ارتفاع الطلب الأوروبي على الغاز المسال خلال السنوات المقبلة. يرى المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن السيناريو الأقرب هو تنفيذ الصفقة قريبًا، لكن بدفع مباشر من الشركات الأمريكية المالكة لحقوق الامتياز في الحقول الإسرائيلية، مثل شركة شيفرون، وليس من الحكومة الإسرائيلية نفسها.
شيفرون، التي تمتلك 55% من حقل ليفياثان، تُعتبر الطرف الأكثر إصرارًا على إتمام الصفقة، نظرًا لاستثماراتها الضخمة دون تحقيق عائد حتى الآن، وبالتالي فإن الشركات الأمريكية لن تسمح بتجميد أصولها وستضغط على الجانب الإسرائيلي لإقرار الصفقة مع مصر في أسرع وقت. كما أن مصر تمثل المنفذ الوحيد القادر على استيعاب الغاز الإسرائيلي عبر محطات الإسالة، مما يمنحها قوة تفاوضية استثنائية.
إسرائيل ومحدودية الخيارات
في ظل هذه الظروف، يوضح الدكتور ثروت راغب، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن التعاون في ملف الغاز بين مصر وإسرائيل يعتمد على اعتبارات اقتصادية بحتة، حيث لا تمتلك إسرائيل محطات لإسالة الغاز مثل إدكو ودمياط، وبالتالي لا خيار أمامها سوى التصدير عبر مصر. كما أن إسرائيل تنتج حاليًا فائضًا يقارب مليار قدم مكعب يوميًا، بينما تحتاج مصر إلى كميات إضافية لتغطية الطلب المحلي، خاصة خلال الصيف.
أي توقف أو خفض في صادرات الغاز من إسرائيل سيضر بها أكثر من مصر، لأن الإنتاج سيستمر دون منفذ لتصريفه، مما يجعل مصر تظل المنفذ الوحيد أمامها. استمرار التصدير إلى مصر يحظى بدعم الشركات الأمريكية العاملة في الحقول الإسرائيلية، مما يعزز من موقف مصر في المفاوضات.
آفاق جديدة للطاقة في مصر
تشير الاكتشافات الجديدة في مصر إلى مستقبل واعد في مجال الطاقة، حيث من المتوقع أن تدخل حقول جديدة في الإنتاج خلال الأشهر الستة المقبلة، مما يعزز قدرة مصر على تعويض كميات الغاز المستوردة من إسرائيل. كما ستبدأ مصر استقبال الغاز القبرصي من حقل أفروديت بحلول عام 2027، مما يدعم أمن الطاقة الوطني ويكرس مكانتها كمركز إقليمي لتجارة الغاز.
تنويع مصادر الطاقة في مصر يمثل عامل أمان استراتيجي، في ظل توسع الدولة في الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس والهيدروجين الأخضر، مما يقلل من استهلاك الغاز في الكهرباء ويوفر كميات أكبر للتصدير والاستخدام الصناعي. الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن الاتفاق سينفذ بشكل طبيعي خلال الأسابيع المقبلة، حيث إن جميع الموافقات اللازمة شبه منتهية، مما يجعل التنفيذ مسألة وقت فقط.
تعليقات