
بعد تصريحات ترامب التي أثارت جدلاً واسعاً في الأسواق العالمية يتساءل الكثيرون عن إمكانية هبوط أسعار النفط إلى أقل من دولارين للبرميل في ظل الظروف الحالية التي يشهدها السوق حيث تتأثر الأسعار بعوامل متعددة مثل العرض والطلب والتوترات الجيوسياسية بالإضافة إلى تأثيرات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي ومع تزايد الإنتاج من بعض الدول المنتجة للنفط قد يكون هناك ضغط إضافي على الأسعار مما يجعل هذا السيناريو محتملاً في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه وفي ظل غياب استراتيجيات فعالة للتحكم في الإنتاج قد نشهد تقلبات حادة تؤثر بشكل كبير على السوق النفطية.
تصريحات ترامب حول أسعار النفط: تحليل اقتصادي
في تصريحات مثيرة للجدل، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن أسعار النفط قد تنخفض قريبًا إلى أقل من دولارين للبرميل، مما أثار ردود فعل قوية من خبراء البترول والطاقة، حيث وصفوا هذه التصريحات بأنها غير واقعية ولا تستند إلى أي معطيات اقتصادية، وأشاروا إلى أن هدفها قد يكون سياسيًا أكثر من كونه اقتصاديًا، فتكاليف الإنتاج العالمية مرتفعة للغاية، مما يجعل هذا السيناريو مستحيل الحدوث.
مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، كان من بين الخبراء الذين انتقدوا تصريحات ترامب، حيث أكد أن تكلفة إنتاج النفط تتجاوز بكثير هذا الرقم، موضحًا أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة يتطلب حوالي 55 دولارًا للبرميل، مما يجعل من غير المعقول توقع انخفاض السعر إلى هذا الحد، كما أن النفط يمثل عنصرًا حيويًا في الاقتصاد العالمي، ولا يمكن الاستغناء عنه بهذه الصورة، فتكاليف الإنتاج في مصر تتراوح بين 3 و5 دولارات في الحقول السطحية، وتزداد في الآبار العميقة.
تحديات السوق العالمية وأسعار النفط
ثروت راغب، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أضاف إلى النقاش، حيث أشار إلى أن تكلفة إنتاج النفط في دول الخليج تتراوح بين 4 و5 دولارات للبرميل، بينما تصل في مصر إلى حوالي 7 دولارات، مما يوضح أن سعر دولارين للبرميل بعيد كل البعد عن الواقع، وتكلفة إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة تتراوح بين 50 و60 دولارًا للبرميل، حتى في أوقات وفرة الإنتاج، لم تصل الأسعار إلى هذا المستوى المتدني، وذلك بفضل جهود منظمة “أوبك” في تنظيم الإنتاج والحفاظ على نطاق سعري يتراوح بين 60 و80 دولارًا للبرميل.
راغب أشار أيضًا إلى أن تصريحات ترامب قد تحمل أبعادًا سياسية أو انتخابية، حيث تهدف إلى الضغط على الدول المنتجة للنفط، ورغم أن الولايات المتحدة تُعتبر من كبار المنتجين، إلا أنها لا تزال مستوردًا صافيًا للنفط، مما يعني أن تراجع الأسعار قد يكون في مصلحتها الداخلية، لذا فإن مثل هذه التصريحات تثير بلبلة سياسية دون أي أسس اقتصادية قوية.
توافق الآراء بين الخبراء
الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي وعضو مجلس النواب السابق، اتفق مع ما ذهب إليه الخبراء، مؤكدًا أن تصريحات ترامب غير واقعية تمامًا، وأن تقديرات الأسعار يجب أن تستند إلى المعطيات الفعلية في السوق، وليس إلى تصريحات سياسية قد تؤدي إلى تضليل الرأي العام، فأسعار النفط تتأثر بشكل مباشر بقوى العرض والطلب، وعندما تصل الأسعار إلى مستوى التكلفة، فلن يكون هناك أي حافز للإنتاج، مما قد يؤدي إلى خسائر مباشرة للمنتجين، وهذا ما يجعل هذه التصريحات غير قابلة للتطبيق في الواقع الاقتصادي الحالي.
تعليقات